تحول ميدان التحرير، بعد نجاح الثورة، في خلع رأس النظام، إلى سوق للأحزاب السياسية الجديدة التي تحاول أن تجد لنفسها، مكانا في الحياة السياسية المصرية، خاصة بعد إصدار قانون الاحزاب الجديد، الذي خفف كثيرا من قيود إنشاء الاحزاب، على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه، إلا أنه لا يقارن حسب محللون بالقانون السابق.
وتستغل تلك الاحزاب التي لازالت تحت التأسيس، ميدان التحرير خاصة يوم الجمعة الذي يشهد تظاهرات عدة، منذ أن سقط فيه الرئيس السابق قرابة الشهرين، لتطرح برامجها السياسية، في منشورات توزعها على اطراف الميدان وفي قلبه، لجذب اكبر عدد من الوافدين إلى الميدان، للانضمام لتلك الاحزاب، التي تحتاج إلى خمسة الآلاف عضوا، ليتم الموافقة على إنشاءها.
فبمجرد دخولك للميدان تجد المنشورات توزع في كل مكان، بالإضافة إلى الافتات العملاقة، والمسارح والإذاعات، التي تهتف بمطالب المتظاهرون، في مشهد يتناقض تماما مع مشهد ميدان التحرير اثناء الثورة، حيث كان يعلو الهتاف "لا دينية ولا حزبية، ثورتنا ثورة شعبية".
ليتغير المشهد داخل ميدان التحرير كما هو خارجه، من الرفض لدور الاحزاب التي كان يعتبرها الثوار بداية الأمر، متخاذلة ومتواطئة، إلى اعتبارها ضرورة لخوض مرحلة جديدة من العمل السياسي، خاصة وإن كانت هذه الاحزاب جديدة ومن رحم الثورة.
وتطالب هذه المنشورات بالانضمام للحزب الجديد، مع التوجه العام للحزب في نقاط عريضة، ورفع شعارات لمبادئ ومذاهب سياسية، طالما كانت غائبة عن الوعي المصري، كالاشتراكية أو الليبرالية، أو المرجعية الدينية، إلا أنها في النهاية تتشابه في المنشورات مع بعضها على الرغم من أختلاف هذه المبادئ، لأنها تطالب بنفس المطالب التي يسعى إليها الثوار، من حرية وعدالة اجتماعية، وتحت شعار الثورة.
ومن المتوقع أن تشهد مصر عددا غير مسبوقا للأحزاب السياسية خلال الفترة المقبلة، حتى وإن تشابهت برامجها، الأمر الذي قد يضعف بعضها، إذا لم تتحالف مع غيرها، كما يرى محللون، وتتخذ هذه الاحزاب مسميات أغلبها إما تعبر عن توجهها، أو انتماءها لمرحلة ما بعد الثورة كالتحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب الشوري والاصلاح، وحزب ثورة التغير، وحزب الميدان، وغيرها.
فيما يؤكد الشباب المتواجدين على أنها المرة الأولي التي يلون فيها الميدان بالصبغة الحزبية إلى هذه الدرجة، وتظهر فيها تلك الحمالات الدعائية بهذا الوضوح، حيث وجدت لافتات لأحزاب قديمة كالوفد والتجمع، ترفع مطالب الثوار، إما للتضامن مع هذه المطالب أو الإعلان عن تواجد هذه الاحزاب على ارض الميدان.
إلا أن الأحزاب لم تكن وحدها هي من تقف فوق المنصة الدعائية، ولكن ظهر بعض راغبي الترشح للرئاسة، والذين يعملون علي جمع التوكيلات الشعبية للترشح، بجانب إعلانات الصحف الجديدة، والقنوات الفضائية، جميعها وجدت من الميدان ساحة كبيرة للدعاية الضخمة لمنتجهم سواء السياسي أو الإعلامي.
اقرأ أيضا:
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اضف رد